أسباب خروج مصر من البطولة
خرج المنتخب المصري من بطولة كأس الأمم الأفريقية من دور الستة عشر بعد الخسارة أمام جنوب أفريقيا بهدف دون رد.
ولم
تقدم مصر أداء مقنعا في البطولة، رغم تصدرها لمجموعتها والفوز في
المباريات الثلاث، وعدم استقبالها أي هدف في دور المجموعات، قبل أن تودع
المسابقة في أول مباراة بالأدوار الإقصائية. وجاءت ردود الفعل غاضبة للغاية من الشارع المصري، الذي كان يُمني النفس بالحصول على اللقب، خاصة وأن البطولة تقام على أرض مصر، التي تقدمت لتنظيم البطولة قبل انطلاقها ببضعة أشهر بعد سحب حق التنظيم من الكاميرون لعدم استعدادها بصورة جيدة.
ونجحت مصر في تجديد الملاعب الستة التي تستضيف مباريات البطولة ونظمت حفل افتتاح رائع حظى بإشادة الجميع، وبالتالي جاء هذا الخروج المبكر بمثابة صدمة كبيرة للمصريين، وجاءت ردود الفعل سريعة وقوية، إذ أعلن رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم، هاني أبو ريدة، استقالته هو وجميع أعضاء مجلس إدارة الاتحاد.
كما أقيل خافير أجيري، الذي تشير تقارير إلى أنه كان الأعلى أجرا بين جميع مدربي منتخبات البطولة، من منصبه بعد دقائق من خسارة مصر أمام جنوب أفريقيا. لكن ما أسباب هذا الخروج المبكر للمنتخب المصري من البطولة التي يحمل الرقم القياسي للفوز بلقبها؟
اختيارات اللاعبين
تعرض الجهاز الفني لمنتخب مصر للعديد من الانتقادات حتى قبل انطلاق البطولة، بسبب اختيارات اللاعبين، وعدم ضم العديد من الأسماء البارزة في كرة القدم المصرية، مثل لاعبي الأهلي رمضان صبحي وعمرو السولية ومحمد هاني، ولاعبي الزمالك محمود كهرباء وعبد الله جمعة، والاستعانة بلاعبين لم يقدموا المردود الجيد مع المنتخب الوطني خلال الفترة السابقة مثل أحمد حسن كوكا.يقول محمود رياض، ناقد رياضي وعضو رابطة النقاد الرياضيين في مصر، إن سوء اختيار اللاعبين يعد أحد أهم أسباب الخروج المبكر من البطولة، مضيفا: "لا يجب ضم اللاعبين لمجرد أنهم محترفون! فرغم أن محمد النني يلعب في ناد كبير مثل أرسنال الإنجليزي، إلا أنه لم يقدم أداء مقنعا في المباريات، وكان أحد أسباب ضعف خط وسط المنتخب المصري".
وأضاف لبي بي سي: "لم يكن هناك أي منطق في اختيارات اللاعبين، ولم تتم الاستعانة باللاعبين بناء على مستواهم وما يقدمونه داخل الملعب، ويبدو أنه كانت هناك معايير أخرى في الاختيارات. كيف لا ينضم حارس المرمى المميز محمد عواد، الذي يقدم مستويات رائعة في الدوري السعودي؟"
وأشار رياض إلى أن سوء الاختيارات أدى إلى ضعف مقاعد البدلاء، وبالتالي لم يكن هناك اللاعب القادر على تغيير نتيجة المباراة وقت اللزوم.
اتحاد الكرة "مسؤول أساسي"
يقول محمد اليماني، صحفي مصري متخصص في الشؤون الرياضية: "اتحاد الكرة مسؤول أساسي عن هذا الإخفاق، فهو من أقال المدير الفني الأرجنتيني هيكتور كوبر من منصبه وجعله كبش فداء للإخفاق في نهائيات كأس العالم 2014 بروسيا، وتعاقد مع أجيري بمقابل مادي هو الأعلى في أفريقيا، رغم اتهامه في قضايا تلاعب في نتائج المباريات في إسبانيا!"وأضاف: "أخطأ الاتحاد أيضا في قضية عمرو وردة ورضخ لضغوط اللاعبين وعفا عن اللاعب وظهر في موقف ضعيف أمام اللاعبين، ولم يكن يجب أن يحدث هذا."
وقد أعلن رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم، هاني أبو ريدة، استقالته هو وجميع أعضاء مجلس إدارة الاتحاد بعد خروج مصر من البطولة، في ظل انتقادات لمسؤولي الاتحاد في العديد من الأمور.
أزمة عمرو وردة
قرر الاتحاد المصري لكرة القدم استبعاد اللاعب عمرو وردة، المحترف في صفوف نادي أتروميتوس اليوناني، من تشكيلة الفريق على خلفية انتشار مقطع فيديو "غير أخلاقي" يقال إنه يخص اللاعب خلال حوار مع فتاة مكسيكية نشرت محادثة بينهما على موقع "تويتر"، وهو ما نفاه اللاعب، وقال إنه مقطع "مفبرك".وقال الاتحاد المصري إنه اتخذ هذا القرار "للحفاظ على الانضباط والالتزام والتركيز في الفريق"، قبل أن يتراجع ويعفو عن اللاعب ويعلن أن العقوبة ستقتصر على حرمانه من المشاركة في مباريات الدور الأول، وسط حديث عن أن بعض لاعبي المنتخب المصري قد ضغطوا على مسؤولي الاتحاد من أجل العفو عن اللاعب.
وبالفعل شارك وردة في جزء من المباراة التي خسرتها مصر أمام جنوب أفريقيا.
وتساءل الصحفي الرياضي محمد اليماني: "كيف يمكن للاعبين أن يكونوا أقوى من مسؤولي الاتحاد ويجبرونه على التراجع عن قراره؟ وأين دور المدير الفني، الذي كان يجب أن يكون حازما ويقرر استبعاد اللاعب ولا يرضخ لأي ضغوط؟"
واتفق رياض مع هذا الرأي قائلا: "أزمة عمرو وردة كشفت سوءات اتحاد الكرة في الإدارة. كان يجب اتخاذ قرار تربوي صارم وعدم التراجع عنه تحت أي ظرف من الظروف، كما حدث مع أحمد حسام ميدو في بطولة 2006 بعد اعتراضه على الخروج من الملعب، رغم أنه كان نجما لامعا في صفوف المنتخب المصري، على عكس عمرو وردة الضعيف من الناحيتين الفنية والبدنية."
وتفاعل محمد صلاح مع الأزمة، ونشر تدوينة باللغة الانجليزية عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر قال فيها: "أعتقد أن الكثيرين ممن يرتكبون أخطاء يمكن أن يتغيروا إلى الأفضل ويجب ألا يتم إرسالهم إلى المقصلة، فهذه هي الطريقة الأسهل لإنهاء الأزمة." وتعرض صلاح للعديد من الانتقادات بسبب موقفه الذي رآه البعض داعما لوردة.
سوء الإدارة الفنية
تعرض أجيري لانتقادات لاذعة بسبب إدارته للمباريات وإصراره على الدفع ببعض اللاعبين رغم تراجع مستواهم بشكل واضح.يقول اليماني: "الإدارة الفنية للمباريات كانت سيئة للغاية، ولم يكن المدير الفني يتحرك أو يجري تغييرات وفقا لأحداث المباريات، كما لم يقم بأي تغيير في خطة اللعب وفقا لظروف المباراة أو الطريقة التي يلعب بها الفريق المنافس".
وأضاف: "كان أجيري مُصرا على الدفع بعبد الله السعيد ومحمد النني رغم تراجع مستواهما بشكل ملحوظ للجميع، وهو ما يثير العديد من التساؤلات. لم نكن نشعر بأن أجيري يدرس الفرق المنافسة ويضع الخطة بناء على ذلك، لكنه كان يدفع بنفس اللاعبين ويلعب بنفس الطريقة في كل المباريات بدون أي إبداع".
ندرة المواهب في الجيل الحالي
سيطرت مصر على القارة السمراء وفازت بلقب بطولة كأس الأمم الأفريقية ثلاث مرات متتالية أعوام 2006 و2008 و2010 بفضل امتلاكها لمجموعة من اللاعبين الرائعين مثل محمد أبو تريكة وعصام الحضري وأحمد حسن ومحمد زيدان وعمرو ذكي ووائل جمعة وأحمد فتحي.لكن الجيل الحالي لا يضم الكثير من الأسماء البارزة، وهو ما جعل نجم المنتخب السابق وائل جمعة يقول في تصريحات صحفية عقب خروج مصر من البطولة إن الجيل الحالي لمنتخب الفراعنة لا يستطيع تقديم أفضل من ذلك، لأنه "من غير المنطقي أن نعتمد على لاعب أو اثنين فقط".
وتعرض لاعبو المنتخب المصري لانتقادات شديدة بعد الخروج من البطولة، باستثناء حارس المرمى محمد الشناوي الذي فاز بلقب أفضل حارس مرمى في الدور الأول للبطولة، ولاعب خط الوسط طارق حامد الذي بذل مجهودا كبيرا رحب به الجميع.
"جمهور الأوبرا"
تقام المباريات في الدوري المصري بدون جمهور خلال السنوات الأخيرة
لأسباب أمنية، لكن الجمهور المصري عاد بكثافة لمشاهدة مباريات المنتخب
المصري في نهائيات كأس الأمم الأفريقية وكان استاد القاهرة مملوءا عن آخره
بالمشجعين في المباريات الأربع التي لعبتها مصر في البطولة. لكن السلطات المصرية غيرت نظام دخول المشجعين للمباريات، فأصبح يتعين على أي مشجع أن يدون بياناته على موقع وتطبيق إلكتروني على الإنترنت للحصول على بطاقة المشجع وحجز تذاكر البطولة.
ويرى البعض أن هذا النظام، المتبع في العديد من البلدان الأخرى، جعل فئة معينة من الجماهير هي التي تحضر المباريات، بعيدا عن جمهور الشارع العادي.
يقول رياض: "هذا النظام فرز ما يمكن وصفه بجمهور الأوبرا، الذي يجلس في صمت للاستمتاع بالمباريات، لكننا بحاجة إلى الجمهور الحقيقي الذي يهز الملعب ويبث الرعب في نفوس المنافسين ويتفاعل مع المباريات ويكون حافزا كبيرا للاعبي المنتخب المصري. لكن الجمهور الذي رأيناه في مباريات مصر كان جمهورا يمكن وصفه بأنه محايد."