بدأت فصول الأزمة عقب اعتذار الممثل الأردني علي عليان عن دوره في فيلم "جابر".
وبرر
الفنان انسحابه من العمل بأن السيناريو "يدعي حق اليهود بفلسطين" ويتحدث
عن حقهم التاريخي أيضا في منطقة البتراء الواقعة جنوب الأردن.
وقرر
عليان، بعد نقاش مع المخرج، الانسحاب من الفيلم لتلحق به مجموعة من
الممثلين الأردنيين، أمثال عبد الكريم القواسمي، محمد سميرات وغيرهما.
وفي
تصريح خص به مدونة ترند، قال عليان: "الخلاف المحوري كان حول سيناريو
الفيلم الذي يحتوي مغالطات تاريخية ودينية تضرب هويتنا في مقتل".
وتابع: "أخبرت المخرج بمخاوفي لكنه أكد لي أن الفيلم موجه بالأساس للجمهور خارج الأردن".
وختم
عليان حديثه معنا بالقول: "نتمتع في الأردن بهامش من الحرية، فلا رقابة
على الأفلام منذ 1989 ومن هنا تحدث الخروقات، الهيئة الملكية للأفلام لا
تطلع عادة على قصص الأفلام (السيناريو) بل تكتفي بقرءاة الملخص".
من جانبها، أصدرت نقابة الفنانين الأردنيين بيانا طالبت فيه منتسبيها المشاركين في الفيلم بالانسحاب حتى تتجلى الحقيقة.
وشددت على مساءلة كل من يشارك في الفيلم، ملوحة بعقوبات قد تصل إلى الفصل من النقابة.
ويسرد
الفيلم، الذي يفترض أن يطرح في الصالات الأميركية في منتصف سبتمبر/ أيلول
المقبل، قصة اكتشاف صبي بدوي نقوشا قديمة بالعبرية أثناء جولته في وادي
موسى بالبتراء.
ويستند نص الفيلم، بحسب البعض، على رواية للمؤرخة
لويز ليغينز التي ترى أن النبي موسى أحضر اليهود من مصر إلى البتراء بدل
جبل سيناء وأمضى معهم أربعين عاما قبل الانتقال إلى فلسطين.
ولكن مخرج الفيلم محي الدين قندور يقول إن القصة خيالية ولا تستند لرواية ليغينز.
ووصف
قندور الضجة حول الفيلم العالمي الأردني بـ "البلبلة الفيسبوكية" قائلا
إنها "حصلت استنادا على أقاويل بعض المرشحين للأدوار الذين لم يتم الاتفاق
معهم بسبب الأجر".
وبين قندور في تدوينة على فيسبوك أن الهيئة
الملكية للأفلام منحته الإذن بالتصوير في كل الأماكن، لافتا أن الفيلم
مأخوذ عن رواية خيالية له صدرت عن المؤسسة العربية للدارسات والنشر في
بيروت، وأن تمويله أردني بالكامل.
ويتابع المخرج بأن الفيلم "فند
المزاعم الصهيونية المتكررة بأحقية اليهود في فلسطين، ويشيد بدور الأجهزة
الأردنية الأمنية في التصدي لجميع محاولات تشويه تاريخ المنطقة".
وفتح الفيلم باب النقاش مجددا حول صورة الصراع العربي الإسرائيلي في
السينما، إذ يرى نشطاء أن الجدل حول فيلم "جابر" كشف مرة أخرى ضعف الآلات
الإعلامية في العالم العربي أمام الآلة الإسرائيلية التي تنجح دائما في
تزكية وتغليب روايتها.
وندد رواد مواقع التواصل الاجتماعي بتصوير
الفيلم وهاجموا القائمين عليه قائلين إنه يخدم الجهود الإسرائيلية
المتواصلة لتسويق البتراء كجزء من أراضيها.
واعتبرت هذه المغردة
الفيلم محاولة جديدة من إسرائيل بإقناع الرأي العام بأحقيتها في الأرض،
لافتين إلى أن تصوير الفيلم يأتي في وقت تمر فيه القضية الفلسطينية بفترة
عصيبة.
واستدلت على ذلك بتغريدات لنشطاء يدعمون إسرائيل وبتغريدة
سابقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تتحدث حول أصول
الفلسطينيين.
كما وصف مغردون موقف الجهات الرسمية من الفيلم بالضعيف وطالبوا
المسؤولين باتخاذ قرار صارم ضد ما اعتبروه "تزويرا فاضحا للتاريخ العربي".
يذكر
أن الأردن شهد سجالا قبل فترة حول مسلسل "جن" الذي أنتجته شبكة نتفليكس
الأمريكية. وقد انتقد أردنيون مضمون المسلسل لما رأووا فيه تعارضا مع قيم
المجتمع الأردني المحافظ واحتوائه على مشاهد وألفاظ وصفت بـ "الخادشة
للحياء".
ونادى المغرد أحمد القواسمة بضرورة تعديل قانون الهيئة
الملكية للأفلام باعتبارها الجهة المعنية بمنح التصاريح لصناع الأعمال
الفنية حتى لا تسخّر الجغرافيا الأردنية لتزييف التاريخ، وختم تغريدته: "من
جن إلى جابر .. هناك معركة وعي دقت طبولها وأن علينا أن نخوضها لحماية
تاريخنا وثقافتنا".
وعلق آخر: "لا نعلم كيف تجرؤ الهيئة الملكية
للأفلام على منح التصاريح لتصوير أفلام وتخاطب الجهات الرسمية الأردنية
والمؤسسات العسكرية وغيرها من أجل تسهيل مهمة الراغبين بالتصوير دون أن
تطلع على المحتوى".
في المقابل، رفض آخرون، على قلتهم، منح صلاحيات إضافية للرقابة لما لمسوا فيها من تهديد لحرية الإبداع.