قررت السلطات التونسية منع الداعية المصري وجدي غنيم من دخول البلاد، بعد تهجمه على الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي.
وقال إياد الدهماني، المتحدث باسم الحكومة التونسية، إن رئيس الحكومة
يوسف الشاهد قرر منع وجدي غنيم من دخول تونس مستقبلا، بسبب نشره تدوينات
مسيئة للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي.
وكان غنيم هاجم في تدوينة
له على فيسبوك الرئيس التونسي الراحل قائلا إنه "عاش حياته محاربا لشرع
الله ولشريعته" وحذر الناس من الترحم عليه.
ويعد غنيم، الذي يعيش
حاليا في تركيا، من أشد المنتقدين لمبادرات السبسي بشأن حقوق المرأة، ومن
بينها مقترحه للمساواة بين المرأة والرجل في الميراث والسماح للتونسية
المسلمة بالزواج بغير المسلم.
وكان غنيم زار تونس عام 2012 وألقى
خطبا في عدة مساجد. وفجرت زيارته وقتها سجالا بين الإسلاميين والعلمانيين
الذين رفضوا "فتح أبواب تونس للمتشددين الإسلاميين".
ووجدي غنيم أحد أشهر الدعاة الإسلاميين وأكثرهم إثارة للجدل.
أُبعد
غنيم من البحرين عام 2008 وسافر إلى عدة بلدان منها بريطانيا التي طرد
منها ومنع من دخولها بتهمة "التحريض على الإرهاب"، وقد رحل إلى اليمن الذي
غادره بعد ذلك إلى ماليزيا.
يذكر أن محكمة مصرية قضت في عام 2017 على غنيم بالإعدام غيابيا بتهمة "تأسيس وقيادة خلية إرهابية".
ولا يزال خبر منع غنيم من دخول تونس مستقبلا يحظى بحيز واسع من اهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تونس.
فلم تمر تعليقات الداعية المصرية مرور الكرام، إذ أثارت غضب التونسيين والمصريين على حد سواء.
وأشار مغردون تونسيون إلى أن ما صدر عن غنيم "سلوك متطرف ومهين لكافة الشعب التونسي".
وكال
مغردون تونسيون بمختلف انتماءاتهم السياسية الانتقادات لغنيم، قائلين إن
بلدهم قطع أشواطا مع "الخطاب المتطرف الذي استهدف شبابها منذ 2011".
وحذر آخرون من توظيف تعليقات غنيم سياسيا، في إشارة للاتهامات التي وجهت لحركة النهضة باستقبال الداعية المصري في تونس عام 2012.
ولطالما نفت النهضة أن تكون وجهت الدعوة لوجدي غنيم مؤكدة أنها صدرت عن جمعيات ناشطة في الحقل الديني.
من
جانبه قال القيادي في حركة النهضة عبد الفتاح مورو، تعليقا على ما جاء من
تصريحات وجدي غنيم، بأنه سيتقدم بطلب إلى أنقرة لرفع حق الإقامة عنه في
تركيا.
وفي مداخلة على إحدى الإذاعات التونسية اعتذر مورو إلى الشعب التونسي عن تطاول "غنيم ولجهله به"، على حد قوله.
وبدوره، انتقد الداعية التونسي البشير بن حسين، الذي عرف باختلافه مع بعض
قرارات السبسي المتعلقة بملف المرأة، دعوة غنيم بعدم الترحم على السبسي.
ورد غنيم في تسجيل فيديو على ما وصفها بمحاولات الإيقاع بينه وبين شعب تونس.
وقارن مغردون بين غنيم والقيادي في حركة النهضة، عبد الفتاح مورو.
وعلق
هذا المدون على صورة الرجلين بالقول: "هذا هو الفرق بين الإسلام السمح
والمتعصبين. الموت مقدس ولسنا أهلا لمحاسبة الأشخاص. نختلف مع السبسي في
الكثير من المسائل لكنه يبقى رمزا من رموز تونس ويكفي أنه آمن
بالديمقراطية".
وفي سياق متصل، نشر مدونون صورا توثق مشاركة قياديين ومواطنين من مختلف الأطياف السياسية والأيدولوجية في جنازة السبسي.
وفي
بادرة وصفها كثيرون بالمعبرة، سار نائب رئيس حركة النهضة عبد الفتاح مورو،
في جنازة الرئيس التونسي الراحل مشيا على الأقدام لأكثر من 25 كيلومترا .
وقال مورو إنه أصر على السير في جنازة السبسي استجابة لرغبته التي عبر عنها في وقت سابق.
وفي معرض رده على تصريحات غنيم، تطرق المدون عمر كلاّب للحديث عن النهج
الذي اتبعته حركة النهضة في تونس في أعقاب ثورة 2011 فكتب يقول: "غباء
سياسي أم تأجير تمويلي للعقول؟ من تركيا العلمانية يهدر أحد الدعاة ... ضد
الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي لأنه علماني، بالمقابل الشيخ عبد
الفتاح مورو نائب رئيس حركة النهضة (الفرع التونسي للإخوان) يسير خلف
جثمان السبسي ".
لكن آخرين دافعوا عن وجدي غنيم، كحال هذا المغرد الذي انتقد هجوم مورو عليه.
ولم ينته الجدال عند ذلك الحد، إذ انخرط نشطاء في مقارنة بين أسلوب الخطاب الديني لدى كل من غنيم وبشير بن حسين.
كما
تداول نشطاء صورة لرجل ملتحي وزوجته التي كانت ترتدي ثوبا أسود طويلا
أثناء حضورهما الجنازة. ورأى مدونون أن الصورة لخصت "تجليات الثورة
التونسية".
ويرى آخرون أن التوافق الذي أرساه السبسي ونظرائه في حركة النهضة قد حقق
أهدافه بالفعل بتوحيد التونسيين كافة في جنازة السبسي ورفضهم كل "الدعوات
الشاذة" التي تنال من رئيسهم الراحل.
وفي المقابل، لم يخف نشطاء تخوفهم من انتهاء التوافق بعد وفاة السبسي وتجدد الاستقطاب بين العلمانيين والإسلاميين في البلاد.
فتساءل حسام الزاهر "ماذا بعد #السبسي؟ أين تقف #تونس؟ ماذا سيحل بالتجربة الديمقراطية؟ أسئلة كثيرة يتكفل الوقت بالإجابة عنها؟"